بسم الله الذي لا أرجو إلا فضله ولا أخشى إلا عدله ولا أعتمد إلا قوله و لا أتمسك إلا بحبله , والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين.
قال تعالى: { لقد كرمنا بني آدم}
يظن بعض الآباء والأمهات جهلاً أنّ الطفل لا يحتاج إلا لثلاث حاجات فقط وهي ( الغذاء , الحماية , اللعب ).
فالغذاء: حاجة أساسية لحمايته من الأمراض ولإبقائه سليماً معافى قادراً على ممارسة حركته وأنشطته المختلفة ولإبقائه حيّاً حيث لا يستطيع الإنسان البقاء حيّاً إذا بقي بدون طعام.
والحماية: تعني حمايته من جميع الأخطار و الحوادث والمخاوف سواءً المعنوية منها أو المادية يشعر بالأمان والسكينة .
واللعب: لإشباع هذه الغريزة في نفس الطفل وحبه للمرح والمتعة والحركة.
وهذا ما أشار إليه الحديث الشريف " من كان له صبيٌ فليتصابى له".
وهذه الحاجات أساسية وضرورية , ولكن حاجات الطفل كونه إنساناً صغيراً كثيرة ومتعددة ويجب على كل مربي أن يتعامل مع طفله وفق مبدأ هذه الحاجات ومنها :
1) حاجته إلى الاحترام:
وهي من أهم حاجات الإنسان الكبير بشكل عام والطفل بشكل خاص حيث فطر الإنسان عليها وهو مستعد للتضحية بكل ما يملك مقابل أن لا يُهان.
إن كل شخص يتعرض لموقف يشعر من خلاله أن الطرف الآخر لم يحترمه فإنه يشعر بألم شديد في نفسه ويظل يفكر فيه لساعات ويتألم.
والطفل كونه إنسان ضعيف يجب أن يشعر بعضويته لهذا المجتمع ولا يعامل على أنه حيوان أليف في البيت متى ما شئنا مسحنا على رأسه ومتى ما شئنا ركلناه بقدمنا.
أن تعاليم الإسلام تؤكد وبشكل واضح وصريح على احترام الطفل و هي صفة من صفات الرسول (ص) حيث كان يبذل عناية فائقة بمشاعر الأطفال الروحية وعواطفهم.
"صلى الرسول (ص) الظهر فخفف في الركعتين الأخيرتين فلما انصرف قال له الناس : هل حدث في الصلاة حدث ؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: خففت في الركعتين الأخيرتين . فقال لهم: أما سمعتم صراخ الصبي؟! ".
2) حاجته إلى الإنجاز:
من الضروري أن نفهم أن الطفل بحاجة إلى يفعل ما يستطيع و ينجز أعمالاً تتطلب مهارة و جهد وأن يحقق شيئاً له معنى كثير , وأن يجيد القيام بأعمال صعبة ويحل مشكلات تواجهه , وهي حاجة مرغوبة و مهمة جداً لا بد من العناية بها واستغلالها قدر الإمكان , قال رسول الله (ص ) " علموا أولادكم الرماية و السباحة وركوب الخيل".
عندما يكون طموحنا إعداد مثل هذه الشخصية المُحترمة والمُنجزة لا بد من:
1-أن يكون هدفنا هو إعداد الطفل كشخصية قائمة بذاته لأنه هو وليس فقط حتى يقال: نِعم الطفل هو .. ابنُ فلان وفلانة
2-تربية شخصية مسئولة,مسئول عن تصرفاته ويتحمل نتائجها عندما يخطئ أو يسئ أو يقصر , وأن نعده شخصية قادرة على الصمود لتحمل الحياة بصعوباتها وقساوتها , بحلاوتها ومرارتها , ولابد أن نتذكر دائما أنه لا يظل طفلاً معتمداً علينا بل سيصبح رجلا أو امرأة يؤسس كياناً ويبني أسرة .
3- لا بد أن نركز منذ صغرهم على أن يعتمدوا على أنفسهم , وأن نشركهم معنا في تحمل بعض المسؤوليات التي تتناسب وسنهم فمنذ سن الروضة لابد أن يكون الطفل قادراً على ارتداء ملابسه .. قادراً على استخدام دورة المياه .. يرتب أغراضه .. يساعد أخوته .. يأكل بمفرده .. إلخ
كذلك عند بلوغه سن المدرسة لابد من تكليفه ببعض الواجبات المنزلية الخفيفة كترتيب سريره وغسل طبقه واختباره في حل مشكلة معينة , إدخاله في حوار وإعطائه فرصة التعبير عن رأيه , واختبار صفة حسن التصرف في المواقف الطارئة , وقدرته على حسن التدبير كإعطائه مصروفه الأسبوعي ومتابعة كيف يصرفه و يوزعه على أيام الأسبوع.... الخ
4- ومع كل ما سبق يجب أن لا نغفل نطوق ذلك كله بتقوية عنصر الإيمان بالله والاتكال عليه لدى أطفالنا في جميع الأمور وهذا سر نجاح الشخصية الإسلامية { ألا بذكر الله تطمئن القلوب}
وهذا سر نجاح المدرسة الإسلامية عن باقي المدارس التربوية العالمية والتي تنادي بالاعتماد على النفس وحسب في حين أن المدرسة الإسلامية تحث على سياسة اللجوء إلى لله عند الشدائد مع تحمل المسؤولية.
5- طموحنا أن نربي نماذج إيمانية قوية ، خلاقة ، مبدعة ، جريئة ، متكلمة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين.